الأبصار،كلمة لها كذلك صلة بالبصيرة والبصائر
- أحمد صديق
- 23 أغسطس 2021
- 4 دقائق قراءة
1 ) الأ بصار , بالمفهومين الظاهر والمجازي ، منة من نعم الله تعالى، كما هو مبين :
- في الآية 79 المؤمنون : « وَهُوَ اَ۬لذِےٓ أَنشَأَ لَكُمُ اُ۬لسَّمْعَ وَالَابْصَٰرَ وَالَافْـِٕدَةَۖ قَلِيلاٗ مَّا تَشْكُرُونَ «
- و في الآية 8 من سورة السجدة : " وَجَعَلَ لَكُمُ اُ۬لسَّمْعَ وَالَابْصَٰرَ وَالَافْـِٕدَةَۖ قَلِيلاٗ مَّا تَشْكُرُونَۖ "
- وفي الآية 24 الملك : "قُلْ هُوَ اَ۬لذِےٓ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ اُ۬لسَّمْعَ وَالَابْصَٰرَ وَالَافْـِٕدَةَۖ قَلِيلاٗ مَّا تَشْكُرُونَۖ ".
وكما في تفسير الألوسي :تلك النعم كأن تستعملون السمع في سماع آيات الله التنزيلية على وجه الإنتفاع بها،و الأبصار في النظر بها إلى الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله عز و جل، و الأفئدة بالتفكر بها فيما تسمعونه و تشاهدونه.
و كما في تفسير ابن جزي: خلق لكم هذه الحواس ، النعم، السمع لتستمعوا به الأصوات، و البصر تبصرون به ، و العقل لتدركوا به الحق و الهدى.
2 ) الأبصار ، جدوى و وجوب توظيفها إيجابا :
- من الآية 2 الحشر : "
فَاعْتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِے اِ۬لَابْصٰ۪رِۖ "، وسياقها الآية بأكملها :
"هُوَ اَ۬لذِےٓ أَخْرَجَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْ مِنَ اَهْلِ اِ۬لْكِتَٰبِ مِن دِيٰ۪رِهِمْ لِأَوَّلِ اِ۬لْحَشْرِۖ مَا ظَنَنتُمُۥٓ أَنْ يَّخْرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اَ۬للَّهِ فَأَت۪يٰهُمُ اُ۬للَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْۖ ۞وَقَذَفَ فِے قُلُوبِهِمُ اُ۬لرُّعْبَۖ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِے اِ۬لْمُومِنِينَ فَاعْتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِے اِ۬لَابْصٰ۪رِۖ "
" فاعتبروا يأولي الأبصار " أي ، كما في التفاسير، بوجه عام اتعظوا يا أصحاب العقول ، و الآية تشير إلى إجلاء بني النضير - وقد ناصبوا المسلمين العداء- , من المدينة إلى الشام ، وهي آية مبين فيها خاصة ان لا اعتماد على شيء غير الله ، فلا اعتماد على القوة أو العمل ، إلا على فضل الله و رحمته ،و إن الله تعالى القادر أن ينزل السكينة في قلوب المؤمنين لقادر سبحانه أن بقذف الرعب في قلوب أعدائه ، أعداء رسوله صلى الله عليه وسلم.
- من الآيتين 13 آل عمران و 42 النور : " اِ۪نَّ فِے ذَٰلِكَ لَعِبْرَةٗ لِّأُوْلِے اِ۬لَابْصٰ۪رِۖ "، والسياق في الآيتين بأكملهما :
و الآية 13 آل عمران : " قَدْ كَانَ لَكُمُۥٓ ءَايَةٞ فِے فِئَتَيْنِ اِ۪لْتَقَتَاۖ فِئَةٞ تُقَٰتِلُ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ وَأُخْر۪يٰ كَافِرَةٞ تَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ اَ۬لْعَيْنِۖ وَاللَّهُ يُوَ۬يِّدُ بِنَصْرِهِۦ مَنْ يَّشَآءُۖ اِ۪نَّ فِے ذَٰلِكَ لَعِبْرَةٗ لِّأُوْلِے اِ۬لَابْصٰ۪رِۖ "
وكما في صفوة التفاسير ، الإلتقاء يوم بدر ، والمشركون أكثر عدة و عددا، و كان النصر. للمؤمنين، فالله يقوي بنصره من يشاء ،إن في ذلك لموعظة آذري العقول السليمة .
-وفي الآية 42 النور ؛" ۞أَلَمْ تَرَ أَنَّ اَ۬للَّهَ يُزْجِے سَحَاباٗ ثُمَّ يُوَ۬لِّفُ بَيْنَهُۥ ثُمَّ يَجْعَلُهُۥ رُكَاماٗ فَتَرَي اَ۬لْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَٰلِهِۖۦ وَيُنَزِّلُ مِنَ اَ۬لسَّمَآءِ مِن جِبَالٖ فِيهَا مِنۢ بَرَدٖ فَيُصِيبُ بِهِۦ مَنْ يَّشَآءُ وَيَصْرِفُهُۥ عَن مَّنْ يَّشَآءُۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِۦ يَذْهَبُ بِالَابْصٰ۪رِۖ يُقَلِّبُ اُ۬للَّهُ اُ۬ليْلَ وَالنَّهَارَۖ إِنَّ فِے ذَٰلِكَ لَعِبْرَةٗ لِّأُوْلِے اِ۬لَابْصٰ۪رِۖ "
و كما في تفسير الفيروز آبادي : الله تعالى يسوق سحابا ثم يضم بينه ثم يؤلفه مقدم و مؤخر "فترى " المطر ينزل من خلال السحاب " و ينزل " من جبال في السماء بردا ( أي حب المزن:حب الغمام، هو الماء الجامد ينزل قطعا صغارا ) ، فيعذب الله بالبرد من كان أهلا لذلك، و يصرف عذابه " عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار " من شدة نوره ، يذهب بالليل ويجيء بالنهار، و يجيء بالليل، فهذا تقليبهما، " إن في ذلك لعبرة " لعلامة " لأولي الأبصار " في الدين ( ويقال في العين )
3 ) الأبصار , ترسيخا للإدراك و التعقل:
ففي الآية 44 الحج : «
اَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِے اِ۬لَارْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٞ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوَ اٰذَانٞ يَسْمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَي اَ۬لَابْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَي اَ۬لْقُلُوبُ اُ۬لتِے فِے اِ۬لصُّدُورِ"
وقوله تعالى : " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها " مما في تفسير الشنقيطي ، بين الله جل و علا أن كفار مكة الذين كذبوا النبي صلى الله عليه و سلم ، ينبغي لهم أن يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ، أو أذان يسمعون بها ، لأنهم إذا سافروا مرورا بأماكن قوم صالح ، و أماكن قوم لوط ، و أماكن قوم هود ، فوجدوا بلادهم خاوية و آثارهم منطمسة ، لم يبق منهم داع و لا مجيب ، لتكذيبهم رسلهم ، وكفرهم بربهم ، فيدركون بعقولهم : أن تكذيبهم نبيهم لا يؤمن أن يسبب لهم من سخط الله مثل ما حل بأولئك الذين مروا بمساكنهم خالية ، قد عم أهلها الهلاك ،و تكون لهم أذان يسمعون بها ما قص الله في كتابه على نبيه من أخبار تلك الأمم ،و ما أصابها من الإهلاك المستأصل و التدمير ، فيحذروا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك.
و مما في تفسير السمرقندي ، أو لم يسافروا في الأرض فيعتبروا ، فتصير لهم قلوب بالنظر و العبرة يعقلون بها .
وقوله تعالى : " فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور " و ذلك , كما في تفسير البيضاوي ، عن الإعتبار مع التنبيه أن العمى الحقيقي ليس المتعارف الذي يخص البصر .
و يوضح الماوردي في تفسيره أنها لا تعمى الأبصار عن الهدى و لكن تعمى القلوب عن الإهتداء أو فإنها لا تعمى الأبصار عن الإعتبار ، و لكن تعمى القلوب عن الإدكار؛ هذا مع الإشارة من لدن الماوردي - كما لدى غيره من المفسرين - إلى قول مجاهد : لكل إنسان أربع أعين ، عينان في رأسه لدنياه ، وعينان في قلبه لآخرته ، فإن عميت عينا رأسه و أبصرت عينا قلبه لم يضره عماه شيئا.
و مما في تفسير الشوكاني : لا تعمى أبصار العيون ، و الخلل في عقولهم ، أي لا تدرك عقولهم مواطن الحق و الإعتبار.
Comments